الحلقة الأولى من #تدليس_هارون_يحيى في كتاب "خديعة التطور"

تدليس عدنان أوكطار, المعروف بهارون يحيى في كتاب خديعة التطور.


أوقعني جوجل على كتاب لهارون يحيى المعنون بـ"خديعة التطور", الصفحتين التي قرأتهما جعلتني أترنح من الدوار بسبب الضحك على معدة خالية في نهار رمضان. فبجانب المغالطات العلمية التي يقدمها و التزييف العلمي, يقوم أيضاً بتلفيق مصادر وهمية من رأسه و ينسبها إلى علماء معروفين! المغالطات العلمية أمر وارد و طبيعي, وقد يعذر صاحبها لجهله أن هذه مغالطات, لكن الكذب و التلفيق وإختراع مصادر وهمية هو خيانة علمية ما بعدها خيانة وصاحبها يعلم أنه يكذب, بعكس المغالط! هنا سأكتب خمس ملاحظات على صفحتين فقط من الكتاب, 64 و 65, وهم أول صفحتين متتابعتين قرأتهمها منه, إليكم الملاحظات الخمس:

1- في الصفحة 65 أشار لعبارة منسوبة للعالم الشهير جورج جايلورد في كتاب اسمه Life before men و لم أجد هذا الكتاب عندما بحثت عنه في جوجل, ولم أجده إلا في كتب وصفحات تابعة لهارون يحيى, أو في مواقع مسيحية مناهضة للتطور. هل هارون يحيى يستغفل القراء لهذه الدرجة؟ هذا هو الكلام الملفق الذي ينسبه إلى جورج غايلورد:

((إن أكثر حدث محير في تاريخ الحياة على الأرض هو الانتقال الفجائي من العصر المازوريكي، أي عصر الزواحف، إلى عصر الثدييات، ويبدو الأمر وكأن الستار قد أُسدل فجأة على خشبة المسرح حيث كانت الزواحف، وخاصة الدين
اصورات، تلعب أدوار البطولة الرئيسية بأعداد كبيرة وتنوع مُحيّر، ثم أزيح الستار مرة أخرى في الحال ليكشف عن نفس المشهد، ولكن شخصيات جديدة تمامًا، شخصيات لا تظهر بينها الديناصورات على الإطلاق، في حين تلعب الزواحف الأخرى دور الكومبارس فقط، وأخذت الثدييات تلعب كل الأدوار الرئيسية علمًا بأننا لا نعثر على أي أثر لها في الأدوار والعهود السابقة))
 George Gaylord Simpson, Life Before Man, New York: Time-Life Books, 1972, p. 42.

2- هب أن الكتاب موجود, و أنني لم أبحث جيداً, فكيف لعالم أحافير مشهور من القرن الماضي و مختص في أحافير الثديات مثل جورج غايلورد أن يستعبط و يستغبي و يقول للناس أن الدينصورات أختفت فجأة من حقبة الحياة الوسطى (الميزوزويك) و فجأة خرجت لنا الثديات في الحقبة الحديثة (السينوزويك)! أي طالب يدرس الأحافير ويقول هذا الغباء أن الثدييات جاءت بعد الميسوزويك يجب أن يحرم من المادة! فكيف بمختص!
3- إذا كانت هذه فكرة هارون يحيى و نسبها إلى شخص آخر, فهذا شيء مضحك أن يتهم مناهضي نظرية التطور أن التطور يدعي أن المخلوقات وجدت من العدم! لأن مناهضي نظرية التطور هم في الحقيقة من يعتقدون أن المخلوقات وجدت من العدم في كل عصر, وبذلك يخالفون النواميس الإلهية, فلكل شيء مسبب.
4- لقد استخدم هارون يحيى الفرق بين عدد عظام الفك في الثدييات والزواحف وتكوين الأذن الوسطى في الثديات لدحض نظرية التطور, رغم أن هذا الموضوع أحد أكثر المواضيع التي تمت دراستها والبحث فيها لإثبات نظرية التطور وليس العكس, أي التحول التدريجي لعضام الفك عند الكائنات السلوية بين السينبيسايد (التي تحتوي الثدييات) وبين الصوربيسيدات (التي تضم الدينصورات و الطيور و الثعابين و السلاحف إلخ), سواء بمتابعة التدرج في تغير عضام الفك السفلي للأحافير من تلك العصور البائدة حتى وقتنا الحالي, أو عبر علم الأجنة  ومشاهدة كيف تتغير عضام فك أجنة بعض الثدييات الصغيرة في بطون أمهاتها أثناء النمو, من عدة عضام للفك مشابهة للزواحف, إلى عضمة واحدة للفك و ثلاث عضام صغيرة للأذن الوسطى.
مقارنة لعضام الفك و عضام الأذن في الأشكال الإنتقالية من تطور الثدييات, من العصر الكربوني حتى الجوراسي, من السينبسايد البدائية (أسلاف الثديات), حتى الثديات الأولى في أعلى الرسم في العصر الجوراسي.
القسم الأيمن يمثل الفك الأيمن من الخارج, و القسم الأيسر يمثل الفك الأيسر من الداخل. هذه الصورة جميلة لأنها تجيب على الإدعاء الشائع: لا يوجد أحافير إنتقالية!
(Reproduced from Kardong 2002, pp. 274, Copyright © 2002 McGraw-Hill)

5- مرة أخرى يكذب هارون يحيى ويأتي بمصادر من رأسه, بحثت عن الورقة المنسوبة لإيريك لومبارد ولم أعثر عليها, بحثت عنها في دورية Evolution العلمية ولم أجدها! كل ما وجدته حينما بحثت عن هذه الورقة هي كتب لهارون يحيى أو من مريديه الذين يقتبسون من هارون إقتباس العميان دون التدقيق في المصادر! و هنا العبارة الملفقة المنسوبة لإيريك لومبارد:
((ستكون خيبة الأمل حليفاً لألئك الذين يبحثون عن أي معلومات حول علاقات تطورية بين الثديات.))
 R. Eric Lombard, "Review of Evolutionary Principles of the Mammalian Middle Ear, Gerald Fleischer", Evolution, Vol 33, December 1979, p. 1230.

أخيراً أقول:

من الأجدى لأتباع المدرسة المناهضة لنظرية التطور أن يصرفوا أموالهم على دراسات أكاديمية تدحض تلك الدراسات التي تعنى بالتطور, بدل استخدام المنطق الأرسطي الصوري والصوفيات في نقد نظرية التطور. المغالطات العلمية أمر طبيعي, لكن الكذب باسم الدين والعلم أمر قبيح! ما زلت منصدماً أنني وجدت كذبتين في صفحتين, فكيف بباقي الكتاب! تخيل كم من الأشخاص المخدوعين الذين يقتبسون من كتب الدجال هارون يحيى المشهورة ليتشدقوا بأنهم هزموا نظرية التطور! تخيل مقدار الجريمة في تجهيل الناس واستغفالهم!

تعليقات

المشاركات الشائعة